Articlesخالد أبو بكر يكتب : الارتجال والارتباك فى حب الوطن.. كثير منا لا يعلم.. وكل منا يتألم.. فلا الدماء ستعود ولا جلد الذات سيفيد.. فكروا فى عمل حقيقى لغد أفضل

المصيبة هى قدر يأتى على الإنسان فتتفاوت ردود أفعاله، كل حسب شخصيته وكل حسب قربه أو بعده من تأثير المصيبة، فإذا كانت المصيبة عامة فإن ردود أفعال الناس ستختلف أيضا، وفقا لثقافاتهم، ووفقا لما لديهم من معلومات
أيام عاشها المصريون فى حزن وألم وضيق وغضب، وكان بداخل كل بيت فى مصر ألف سؤال كل ساعة وحسرة كل دقيقة، لكن كانت هناك نغمة عالية فى جلد الذات والحديث بإحباط وهزيمة، هذا واقع كل البيوت المصرية مرت به طوال اليومين الماضيين
والحقيقة أنا لا ألوم أى مواطن عادى على أى إحساس أو أى كلمة كتبها أو نطق بها تعبيرا عن حزنه وغضبه، ففى واقع الأمر كل فرد فى الشعب المصرى كان على قدر المسؤولية، فقد طلبوا منه أن يتحمل الكثير اقتصاديا واجتماعيا وإعلاميا وأمنيا، وبالفعل تحمل كل ذلك
وغابت عنه كثير من الحقائق ورضى بأشياء ليس لها تفسير، وحجبت عنه الكثير من المعلومات التى تخص بلده، إلا أنه كان دايما واثقا فى قيادته متمسكا بوطنيته حريصا على أهله، فله العذر كل العذر، لأنه كل كام يوم بيفقد أعز أبنائه فهو مثل الجريح الذى ينذف دما فإن ارتفع صوته أو غضب فهو المجنى عليه الذى لابد أن نرحمه ونلطف به
كالعادة ومشهد متكرر.. خبر يبدأ ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعى وهى البوابة الأولى لنقل الأخبار بما فيها من ترهيب وتهويل وتبسيط حسب صاحبها، وهذا من ضمن الأخطاء فلا يمكن أن تكون مواقع التواصل الاجتماعى أصحابها هم أول من يعلمون بالأخبار، لكن هم أسرع من يعلنون على الأخبار وبالقطع هى مصادر غير موثقة وغير مسؤولة، لكن فى ظل حالة القلق وفى ظل غياب المصدر الرسمى يكون لدى الجميع شغف المعرفة فيقعون فريسة لهذه المواقع التى قد تولد قناعات كاذبة تبقى وتستمر ويصعب تغييرها
ويبدأ الجميع فى الكتابة والتعبير والتعليق بغضب وبحزن وبانتقاد وبأشياء كثيرة، ثم بعد ذلك يأتى دور المحللين، منهم من لديه معلومة من جهاز من الأجهزة أصدقاؤه، ومن منهم من يركب الحدث لصالح نجوميته، ومنهم اللى بتفلت منه، وكل برغوت على قد دمه واللى ليه ضهر ما بيضربش على بطنه
يعنى لو حضرتك سمعت لفظ أو قريت كلمة من واحد من الجامدين ولا حاجة هاتتحرك، لكن لو واحد على قد حاله هايتفرم، وتبقى القضية إزاى دخلوه المفرمة، ويتنسى تماما الحدث الأساسى وتصبح قضية المفرمة هى الحدث
ويومين وكل حاجة تتنسى، وكل واحد يرجع يقف فى الطابور بتاعه، اللى استشهد يلاقى ربه، وأهله يبدأوا الطريق مع زملائهم فى الوطنية «ودول أصدق فريق»، واللى بيكتب أو بيتكلم بيفكر هايستضيف مين الحلقة اللى جاية، أو هايكتب مقاله اللى جاى عن إيه، واللى سايق بيفكر ويشوف أى طريق هايمشى فيه المرة اللى جاية
يوم استشهاد النائب العام أنا شخصيا لم أتوقع أن يمر هذا الحدث على الشعب المصرى بهذه الطريقة، لكن يبدو أنه فعلا بات مثل «ياما دقت على الراس طبول» هو الحاكم الآن، فلقد رأينا الكثير وتذوقنا الكثير وأصبح لدينا مرار أكثر
لكن رب ضارة نافعة فأعتقد أن حجم تمسكنا بوطننا والحفاظ عليه زاد عند الأغلبية العظمى من هذا الوطن، وبات لدينا قناعة حقيقية فى أنه أن فرطنا هذه المرة فقد لا نعود إلى بيوتنا
والتصرفات عقب كل حادث أصبحت تقريبا متشابهة، وللأسف بعد الأحداث التافهة أصبحت تأخذ حيزا من الصخب بالتوازى مع حزن ودموع وآلام البيوت المصرية
زى ذاع المكالمة مذعهاش والتانى اللى عاوز يركب على خطا زميله. والتالت اللى عاوز ينتقم ويوقفه، والرابع اللى عاوز يثبت إنه مسؤول وله سلطة على الإعلام، وخناقة ملهاش فى الموضوع وبعيدة عنه تماما
أولا: لماذا حتى هذه اللحظة لم تعتمد الدولة استراتيجية إعلامية رسمية للتعامل مع الأحداث؟
ثانيا: لماذا لا يتم تكذيب أى خبر غير صحيح على وجه السرعة حتى لا ينتشر؟
ثالثا: لماذا لا يتم توجيه اتهام لكل صاحب موقع اجتماعى نشر أخبارا بجهل دون علم وإثارة البلبلة؟
رابعا: لماذا لا يتم الحديث عن الشرطة وتسليحها وتدريبها وتذاع هذه الأمور للشعب؟
خامسا: لماذا لا يكون هناك مؤتمر صحفى للمتحدث باسم الداخلية لكى يسأل فى كل ما يدور فى الشارع؟
سادسا: ما هو دور المواطن فى توفير أى عامل من عوامل نجاح حرب الدوله على الإرهاب؟
سابعا: من يقيم أداء الدولة ومن يحاسبها على خسارة الأرواح؟
ثامنا: كيف يستطيع المواطن أن يقنع الدولة أن غضبه ليس على أشخاص تحكم وإنما غيره على وطنه؟
تاسعا: لماذا أصبحنا أحزابا وفرقا داخل الوطن الواحد، وكل منا يخدم فريقه؟
عاشرا: ماذا نحن فاعلون غدا لحماية أرواح أبنائنا؟
الحقيقة أن كل هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات والدولة وحدها هى المنوط بها الإجابة، والإجابة حق وليست منحة من أحد
من حق الجميع أن يقلق على الجبهة الداخلية التى هى من الأهمية البالغة وقت الحرب، لكن عليكم أيضا أن تنظروا إلى المعطيات التى تتعاملون بها فى هذه الجبهة واللاعبون الذين تحركونهم فيها، لأن غالبيتهم اتحرقوا
وتبقى الرسالة الأخيرة المكررة والمعادة والمحفوظة والمحفورة فى ضمائرنا يا كل أب ويا كل أم ويا كل زوجة ودعت شهيدا من شهداء الوطن، لقد ماتوا كى نعيش نحن وأولادنا فتمنوا علينا، ففضلكم وتضحياتكم جعلتنا على قيد الحياة، فإن كان لحياتنا ثمنا فلكم ثمن كل حياتنا، ولا نملك من الدنيا مالا ولا سلطة كى نعوضكم عما فقدتم
إن هناك أشياء كثيرة تشترى إلا التاريخ فهو يصنع بالعمل، وقد صنع أبناؤكم تاريخا لا أعتقد أن هناك أشرف منه
البقية فى حياتكم يا مصريين، وبعد ماتحزنوا فكروا هانعمل إيه بكرة

المصدر :اليوم السابع      بتاريخ:الثلاثاء 24 أكتوبر

33 El-Batal Ahmed Abd El-Aziz, Mohandessin, Giza
+2 01001686409
info@aboubakr-law.com

suivez-nous

fr_FRFrançais